كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الثالث: الشكلة بلغة أهل مكة، والغنجة بلغة أهل المدينة، قاله ابن زيد، ومنه قول لبيد:
وفي الخباء عروب غير فاحشة ** ريا الروادف يعشى دونها البصر

الرابع: هن الحسنات الكلام، قاله ابن زيد. أيضًا.
الخامس: أنها العاشقة لزوجها لأن عشقها له يزيده ميلًا إليها وشغفًا بها.
السادس: أنها الحسنة التبعُّل، لتكون ألذ استمتاعًا.
السابع: ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عُرُبًا كَلاَمُهُنَّ عَرَبِّي».
{أَتْرابًا} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني أقران، قاله عطية.
وقال الكلبي: على سن واحدة ثلاث وثلاثين سنة، يقال في النساء أتراب، وفي الرجال أقران، وأمثال، وأشكال، قاله مجاهد.
الثالث: أتراب في الأخلاق لا تباغض بينهن ولا تحاسد، قاله السدي.
{وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} فيه قولان:
أحدهما الدخان، قاله أبو مالك.
الثاني: أنها نار سوداء، قاله ابن عباس.
{لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ} فيه وجهان:
أحدهما: لا بارد المدخل، ولا كريم المخرج، قاله ابن جريج.
الثاني: لا كرامة فيه لأهله.
ويحتمل ثالثًا: أن يريد لا طيب ولا نافع.
{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرفِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: منعمين، قاله ابن عباس.
الثاني: مشركين، قاله السدي.
ويحتمل وصفهم بالترف وجهين:
أحدهما: التهاؤهم عن الإعتبار وشغلهم عن الإزدجار.
الثاني: لأن عذاب المترف أشد ألمًا.
{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه الشرك بالله، قاله الحسن، والضحاك، وابن زيد.
الثاني: الذنب العظيم الذي لا يتوبون منه، قاله قتادة، ومجاهد.
الثالث: هو اليمين الموس، قاله الشعبي.
ويحتمل رابعًا: أن يكون الحنث العظيم نقض العهد المحصن بالكفر.
{فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ} فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنها الأرض الرملة التي لا تروى بالماء، وهي هيام الأرض، قاله ابن عباس.
الثاني: أنها الإبل التي يواصلها الهيام وهو داء يحدث عطشًا فلا تزال الإبل تشرب الماء حتى تموت، قاله عكرمة، والسدي، ومنه قول قيس بن الملوح:
يقال به داء الهيام أصابه ** وقد علمت نفسي مكان شفائيًا

الثالث: أن الهيم الإبل الضوال لأنها تهيم في الأرض لا تجد ماءً فإذا وجدته فلا شيء أعظم منها شربًا.
الرابع: أن شرب الهيم هو أن تمد الشرب مرة واحدة إلى أن تتنفس ثلاث مرات، قاله خالد بن معدان، فوصف شربهم الحميم بأنه كشرب الهيم لأنه أكثر شربًا فكان أزيد عذابًا.
{هَذَا نُزْلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ} أي طعامهم وشرابهم يوم الجزاء، يعني في جهنم.
{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: نحن خلقنا رزقكم أفلا تصدقون أن هذا طعامكم.
الثاني: نحن خلقناكم فلولا تصدقون أننا بالجزاء: بالثواب والعقاب اردناكم.
{أَفَرَءَيْتُم مَّا تُمْنُونَ} يعني نطفة المني، قال الفراء، يقال أمنى يمني ومنى يمني بمعنى واحد.
ويحتمل عندي أن يختلف معناهما فيكون أمنى إذا أنزل عن جماع، ومني إذا عن احتلام.
وفي تسمية المني منيًا وجهان:
أحدهما: لإمنائه وهو إراقته.
الثاني: لتقديره ومنه المناء الذي يوزن به فإنه مقدار لذلك فكذلك المني مقدار صحيح لتصوير الخلقة.
{ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} يحتمل وجهين:
أحدهما: أي نحن خلقنا من المني المهين بشرًا سويًا، فيكون ذلك خارجًا مخرج الإمتنان.
الثاني: أننا خلقنا مما شاهدتموه من المني بشرًا فنحن على خلق ما غاب من إعادتكم أقدر، فيكون ذلك خارجًا مخرج البرهان، لأنهم على الوجه الأول معترفون، وعلى الوجه الثاني منكرون.
{نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمْ الْمَوْتَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: قضينا عليكم بالموت.
الثاني: كتبنا عليكم الموت.
الثالث: سوينا بينكم الموت.
فإذا قيل بالوجه الأول بمعنى قضى ففيه وجهان:
أحدهما قضى بالفناء ثم الجزاء.
الثاني: ليخلف الأبناء الآباء.
وإذا قيل بالوجه الثاني أنه بمعنى كتبنا ففيه وجهان:
أحدهما: كتبنا مقداره فلا يزيد ولا ينقص، قاله ابن عيسى.
الثاني: كتبنا وقته فلا يتقدم عليه ولا يتأخر، قاله مجاهد.
وإذا قيل بالوجه الثالث أنه بمعنى سوينا ففيه وجهان:
أحدهما: سوينا بين المطيع والعاصي.
الثاني: سوينا بين أهل السماء وأهل الأرض، قاله الضحاك.
{وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} فيه وجهان:
أحدهما: وما نحن بمسبوقين على ما قدرنا بينكم الموت حتى لا تموتوا.
الثاني: وما نحن بمسبوقين على أن تزيدوا في مقداره وتؤخروه عن وقته.
والوجه الثاني: أنه ابتداء كلام يتصل به ما بعده من قوله تعالى: {عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئِكُم فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ} فعلىهذا في تأويله وجهان:
أحدهما: لما لم نسبق إلى خلق غيركم كذلك لا نعجز عن تغيير أحوالكم بعد موتكم.
الثاني: كما لم نعجز عن خلق غيركم كذلك لا نعجز عن تغيير أحوالكم بعد موتكم كما لم نعجز عن تغييرها في حياتكم.
فعلى هذا التأويل يكون في الكلام مضمر محذوف، وعلى التأويل الأول يكون جميعه مظهرًا.
{أَفَرَءَيْتُمْ مَّا تَحْرُثُونَ} الآية. فأضاف الحرث إليهم والزرع إليه تعالى لأن الحرث فعلهم ويجري على اختيارهم، والزرع من فعل الله وينبت على إختياره لا على إختيارهم، وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَقولنَّ أَحَدُكُم زَرَعْتُ وَلَكِن لِيَقُلْ حَرَثْتُ».
وتتضمن هذه الآية أمرين:
أحدهما: الإمتنان عليهم بأن أنبت زرعهم حتى عاشوا به ليشكروه على نعمته عليهم.
الثاني: البرهان الموجب للإعتبار بأنه لما أنبت زرعهم بعد تلاشي بذوره وإنتقاله إلى إستواء حاله، من العفن إلى الترتيب حتى صار زرعًا أخضر، ثم جعله قويًا مشتدًا أضعاف ما كان عليه، فهو بإعادة من مات أحق وعليه أقدر، وفي هذا البرهان مقنع لذوي الفطر السليمة.
ثم قول تعالى: {لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا} يعني الزرع، والحطام الهشيم الهالك الذي لا ينتفع به، فنبه بذلك على أمرين:
أحدهما: ما أولاهم من النعم في زرعهم إذ لم يجعله حطامًا ليشكروه.
الثاني: ليعتبروا بذلك في أنفسهم، كما أنه يجعل الرزع حطامًا إذا شاء كذلك يهلكهم إذا شاء ليتعظوا فينزجروا.
{فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} بعد مصير الزرع حطامًا، وفيه أربعة أوجه:
أحدها: تندمون، وهو قول الحسن وقتادة، ويقال إنها لغة عكل وتميم.
الثاني: تحزنون، قاله ابن كيسان.
الثالث: تلاومون، قاله عكرمة.
الرابع: تعجبون، قاله ابن عباس. وإذا نالكم هذا في هلاك زرعكم كان ما ينالكم في هلاك أنفسكم أعظم.
{إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لمعذبون، قاله قتادة، ومنه قول ابن المحلم:
وثقت بأن الحفظ مني سجية ** وأن فؤادي مبتلى بك مغرم

الثاني: مولع بنا، قاله عكرمة، ومنه قول النمر بن تولب:
سلا عن تذكره تكتما ** وكان رهينًا بها مغرمًا

أي مولع.
الثالث: محرومون من الحظ، قاله مجاهد، ومنه قول الشاعر:
يوم النسار ويوم الجفا ** ركانا عذابًا وكانا غرامًا

{أَفَرَءَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} أي تستخرجون بزنادكم من شجر أو حديد أو حجر، ومنه قول الشاعر:
فإن النار بالزندين تورى ** وإن الشر يقدمه الكلام

{ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ} أي أخذتم أصلها.
{أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ} يعني المحدثون.
{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} فيه وجهان:
أحدهما: تذكرة لنار الآخرة الكبرى، قاله قتادة.
الثاني: تبصرة للناس من الظلام، قاله مجاهد.
{وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوينَ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: منفعة للمسافرين قاله الضحاك، قال الفراء: إنما يقال للمسافرين إذا نزلوا القِيّ وهي الأرض القفر التي لا شيء فيها.
الثاني: المستمتعين من حاضر ومسافر، قاله مجاهد.
الثالث: للجائعين في إصلاح طعامهم، قاله ابن زيد.
الرابع: الضعفاء والمساكين، مأخوذ من قولهم قد أقوت الدار إذا خلت من أهلها، حكاه ابن عيسى.
والعرب تقول قد أقوى الرجل إذا ذهب ماله، قال النابغة:
يقوى بها الركب حتى ما يكون لهم ** إلا الزناد وقدح القوم مقتبس

الخامس: أن المقوي الكثير المال، مأخوذ من القوة فيستمتع بها الغني والفقير.
{فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ الْنُّجُومِ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته، قال الضحاك: إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه.
الثاني: أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيمًا من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته.
فعلى هذا في قوله: {فَلاَ أُقْسِمُ} وجهان:
أحدهما: أن (لا) صلة زائدة، ومعناه أقسم.
الثاني: أن قوله: {فَلاَ} راجع إلى ما تقدم ذكره، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة، ثم استأنف كلامه فقال: {أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}.